التعليم عبر الإنترنت... هجرة معاكسة غير متوقعة

التعليم عبر الإنترنت... هجرة معاكسة غير متوقعة
رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها جهات متخصصة في الغرب لتشر التعليم المباشر عبر الإنترنت، إلا أن الإقبال لم يكن بالدرجة المرجوة والمتوقعة، فقد فوجئ القائمون بأن أعدادا كبيرة من الذين يلتحقون بدورات تعليمية من هذا النوع، يهجرونها قبل أن يكملوا كامل مقرراتها.
تلك النتيجة المرة، كانت حصيلة مؤتمر كبير عقد في كاليفورنيا في الولايات المتحدة تحت عنوان"مؤتمر التعليم المباشر على الشبكة" وحضره حشد كبير من مديري التدريب، وكان السؤال الرئيس هو: لماذا يتخلى المتعلمون عن الدورات المباشرة على الشبكة قبل إكمالها؟
وقد التقى رئيس شركة (اسك انترناشونال) من (فير اوكس) بكاليفورنيا "المتخصصة في الإعلام المتعدد والتدريب المبني على الشركة" عدداً من مديري التدريب الذين صرح معظمهم باستثمار أموال طائلة في شراء وبناء دورات تدريب على الحاسوب وعلى الشبكة. ولكنهم فوجئوا بهجر الناس وبأعداد كبيرة لهذه الدورات.

خيبة أمل
عبر الكثير من الحضور عن قلقهم من هذا الإحجام، وأيضا بشأن البريد الإلكتروني. وسرد مدير تدريب لشركة صيانة صحية قصة افتتاحه لمكتبه ومنهج مصاحب مباشر على الشبكة، وأكد أن 80% من الذين بدءوا الدورات اختفوا قبل إكمالها. وذكر مدير تدريب آخر أطلق لتوه منهجاً على منتجات (مايكروسوفت أوفيس)، يعطي الخيار في أخذ دورة مبنية على الشبكة، أو برنامج تدريب في حجرة الدرس يتولاه مدرب لمدة يومين عن المادة ذاتها. وقد اختار90% منهم خيار حجرة الدرس، وأكملوا الدورة التدريبية، وأكمل 50% فقط من المتدربين على الشبكة هذه الدورة.
وتدل التقارير الواردة عن مجموعات الصناعة على وجود مشكلة هجر التدريب المباشر على الشبكة، والذي يفوق معدلات الغياب في التدريب المبني على حجرات الدرس.

أسباب الهجرة
هذه الهجرة المعاكسة دعت "الجمعية الأمريكية للتدريب والتطوير" للبحث في هذا الموضوع كجزء من دراسة قامت بها لمعرفة سبب تفضيل المتعلمين "التدريب المبني على حجرة الدرس"، على "التدريب المبني على التقنية" وهجرة التدريب بعد جلسات قليلة.
من بين العوامل المؤدية للهجر عدم وجود المحاسبة والمساءلة عن إكمال الدورات، ومشكلات التقنية، وعدم قدرة برامج الدورات "ضعيفة التصميم" على جذب انتباه المتدربين. يعتقد بعض المدربين أن أي سبب من الأسباب المذكورة كاف لهجر التدريب المبني على الشبكة والعودة سريعاً إلى غرف الدراسة، وقد يتسبب في هجر التدريب المبني على الشبكة كله.
يقدم العاملون في الصناعة تفسيراً آخر لمعدلات الهجر العالية بأن المتدربين يأخذون من الدورة ما يحتاجون إليه لتحسين مهارة محددة ويتركون الباقي.

هل هي البرامج ؟
يلقي المتدربون باللوم عادة على برنامج التدريب نفسه، وليس على بيئة المتدرب. الأمر الذي بحثته الدراسة من حيث تأثير بعض العناصر على معدلات المشاركة، مثل كيفية تسويق التدريب المباشر على الشبكة، وما هي الحوافز المقدمة لإكمال الدورة، وما مدى تحفيز البيئة للتدريب، وفيما إذا كانت مراقبة المدير تلعب دوراً مهماً أم لا.
وبدون حافز قوي على إكمال التدريب الذاتي، فإن المستخدمين يجدون صعوبة في إكمال التدريب. إذ إن معظم قصص هجر التدريب كانت في الدورات (الطوعية) المباشرة على الشبكة، حيث لا يكون إكمال الدورة لازماً للتأهيل لوظيفة.
وقد زاوجت بعض الشركات بين الترغيب والترهيب لتقلل من معدلات هجر التدريب المباشر على الشبكة، بإعطاء المتدربين بعض الهدايا في شكل سلع، أو حتى جوائز مالية صغيرة، وأحياناً أخرى استخدام بعض سيارات الأجرة مجاناً لفترات محددة.

شهادات بالجملة
استخدمت بعض الشركات النموذج الجامعي الافتراضي وقامت بمنح المتدربين على الشبكة شهادات البكالوريوس، والماجستير، وحتى الدكتوراه، بعد إكمال مستويات مختلفة من المناهج على الشبكة. ولإعطاء ميزة للمتخرج فإنها تختم بطاقاته العملية بهذه الدرجات الداخلية التي منحت له وجعلها جزءاً من سجلات العاملين.
ولجأت بعض الشركات أيضا، إلى إسقاط جميع خيارات التدريب الأخرى، (ماعدا خيار التعليم المباشر على الشبكة) لتضمن بذلك إكمال الدورات.
ويعتقد بعض المتخصصين أن التدريب المباشر على الشبكة جاء نتيجة لإدراك بعض المديرين للتكاليف وليس لرغبة المستخدمين.

عامل اجتماعي
يرى البعض أن الشعور بالعزلة عن المتدربين الآخرين وعدم الارتباط بالزملاء من أسباب هجر هذه الدورات، هذا بالإضافة إلى الحاجة إلى توجيه واضح وتغذية استرجاعية في الحال، والشعور بوجود المدرب بجانبهم.
ومن العوامل الأخرى المؤثرة على المتدربين مدى صعوبة أو سهولة التقنية في الاستخدام، وفيما إذا كانت الدورة قد صممت بطريقة جذابة أم لا، وفيما إذا كانت البيئة المحيطة محفزة للتعليم أم لا.
ومع أن المتدربين قد يتعاملون مع بعض مشكلات التقنية، إلا أن حدوثها بشكل متكرر قد يفقدهم الصبر ويتركون الدورة، خصوصاً إذا كانت صعبة ولم يجدوا المساعدة الآنية في حل المشكلات.